يبدو الروائي العماني محمد اليحيائي في رواية «حوض الشهوات» فلاحاً نشيطاً، نثر بذور حكاياته في خياله الفذّ، فامتدت جذورٌ، ونمت جذوعٌ وتفرّعت أغصانٌ وتفتحت أزهارٌ، وأينعت ثمارٌ، وحين اطمأنّ إلى جمالها وجلالها أعاد خلطها: جذوراً وجذوعاً وأغصاناً وأزهاراً وثماراً، وألقاها أمام قارئه دفعة واحدة. وحتى يمارس النص زيادة في التمويه لم يضع الروائي عناوين لفصوله، ولم يسمّ سارديه المتعددين، بل لجأ إلى وضع المتلقي أمام اختبار لذة الكشف، باحثاً عن السارد الغائب الكلي العالم، والسارد المشارك الذي يغادر منصة السرد بالموت، والسارد المشارك الذي يبقى شاهداً حتى اللحظة الأخيرة؛ ساعياً إثر ذلك للاستماع إلى صوت حمدان بن مبارك الجد، وصوت زعيمة، وصوت حمدان الابن، وسالم مطر وليلى السليمان، وروز، وغيرهم، وحتى للاستماع إلى صوت رجل الأمن، وهو يسرد المقطعين الثالث والرابع، في أثناء مراقبته سالم مطر المسكون بذكريات الماضي. تنهض هذه الرواية من حيث البنية الشكلية على سرد تمهيدي عنوانه «وحيداً… قريباً وبعيداً» وسردٍ نهائي عنوانه «وحيداً … قريباً، بعيداً»، وبينهما ثمانية فصول تطول وتقصر، وتخترقها رواية كتبتها إحدى الشخصيات، ليكون المسرود عنه سارداً تارة، والسارد مسروداً عنه تارة أخرى، وليكون على القارئ أن يجمع شتات حكايات تستمد أحداثها من التاريخ العماني، وتمتد حتى تلامس الحاضر، وتتوسع دلالة لتشمل تاريخ الأمة العربية برمته، وهي تترجح بين الفكر القومي والوطني والديني. في «حوض الشهوات» تتناسل الحكايات بعضها من بعض، تتداخل حكايات الحب والحرب، والحياة والموت، والبسطاء وذوي النفوذ
يبدو الروائي العماني محمد اليحيائي في رواية «حوض الشهوات» فلاحاً نشيطاً، نثر بذور حكاياته في خياله الفذّ، فامتدت جذورٌ، ونمت جذوعٌ وتفرّعت أغصانٌ وتفتحت أزهارٌ، وأينعت ثمارٌ، وحين اطمأنّ إلى جمالها وجلالها أعاد خلطها: جذوراً وجذوعاً وأغصاناً وأزهاراً وثماراً، وألقاها أمام قارئه دفعة واحدة. وحتى يمارس النص زيادة في التمويه لم يضع الروائي عناوين لفصوله، ولم يسمّ سارديه المتعددين، بل لجأ إلى وضع المتلقي أمام اختبار لذة الكشف، باحثاً عن السارد الغائب الكلي العالم، والسارد المشارك الذي يغادر منصة السرد بالموت، والسارد المشارك الذي يبقى شاهداً حتى اللحظة الأخيرة؛ ساعياً إثر ذلك للاستماع إلى صوت حمدان بن مبارك الجد، وصوت زعيمة، وصوت حمدان الابن، وسالم مطر وليلى السليمان، وروز، وغيرهم، وحتى للاستماع إلى صوت رجل الأمن، وهو يسرد المقطعين الثالث والرابع، في أثناء مراقبته سالم مطر المسكون بذكريات الماضي. تنهض هذه الرواية من حيث البنية الشكلية على سرد تمهيدي عنوانه «وحيداً… قريباً وبعيداً» وسردٍ نهائي عنوانه «وحيداً … قريباً، بعيداً»، وبينهما ثمانية فصول تطول وتقصر، وتخترقها رواية كتبتها إحدى الشخصيات، ليكون المسرود عنه سارداً تارة، والسارد مسروداً عنه تارة أخرى، وليكون على القارئ أن يجمع شتات حكايات تستمد أحداثها من التاريخ العماني، وتمتد حتى تلامس الحاضر، وتتوسع دلالة لتشمل تاريخ الأمة العربية برمته، وهي تترجح بين الفكر القومي والوطني والديني. في «حوض الشهوات» تتناسل الحكايات بعضها من بعض، تتداخل حكايات الحب والحرب، والحياة والموت، والبسطاء وذوي النفوذ